قبل نصف قرن فقط، كانت الرحلات الفضائية لكوكب المريخ مادة للخيال العلمي.
أما اليوم، فإن العلماء يفكرون جدياً بطبيعة المهارات التي سيحتاجها المستعمرون المستقبليون للكوكب الأحمر، وكيف سيبقى الأشخاص على قيد الحياة خلال الرحلة الطويلة إلى هناك، وكيفية تجهيزهم لمواجهة ظروف قاسية غير صالحة للسكن.
إن الأمر يحتاج إلى نوع خاص من البشر ليكونوا قادرين على العيش على المريخ. فكيف يمكن لرواد الفضاء أن يتعاملوا مع الوضع؟
وللإجابة على هذه الأسئلة، انطلق أربعة رواد أمريكيين هم كيلي هاستون، روس بروكويل، ناثان جونز وأنكا سيلاريو، في 25 يونيو/ حزيران عام 2023، في رحلة إلى الفضاء.
المكان هو قاعدة تدريب في مركز جونسون الفضائي، في هيوستن، بولاية تكساس التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، حيث حاول العلماء صنع نسخة مطابقة قدر الإمكان للظروف التي قد يعيش فيها “المستعمرون المستقبليون للمريخ”.
وكان العيش لمدة عام كامل للعلماء الأربعة، الذين تم اختيارهم، هو التجربة الأطول والأكثر شمولية التي يتم إجراؤها على الإطلاق لمحاكاة الرحلات الفضائية.
وخلال العام المنصرم، كان العلماء يراقبون المشاركين في هذه المهمة عن بُعد، ويعطونهم بين الفينة والأخرى مهام ويجمعون البيانات باستمرار عن صحتهم الذهنية والجسدية. والسبت الموافق السادس من يوليو/ تموز عام 2024، اكتملت “الرحلة” رسمياً، ويأمل الباحثون في معرفة كيفية بقاء الأشخاص على قيد الحياة لفترة طويلة معاً، دون صراع، ودون أحبائهم، ودون تدهور في صحتهم العقلية.

وطوال قرابة 370 يوماً، عاشوا في عزلة تامة في إطار برنامج معروف اختصاراً باسم “تشابي” (محاكاة استكشاف صحة الطاقم وأدائه)- وهي تجربة المحاكاة لرحلات الفضاء الأطول والأكثر شمولية التي يتم إجراؤها على الإطلاق.
ولم يكن هناك نقص في المتقدمين لخوض التجربة، فقد قُدم أكثر من 10,000 طلب من أجل أربعة شواغر “لمتطوعي المريخ” كانت ناسا قد أعلنت عنها.
والهدف العام للمهمة هو دراسة التأثيرات النفسية والبدنية لرحلات الفضاء الطويلة (أقصر رحلة إلى المريخ قد تستغرق تسعة أشهر في الذهاب ومثلها في الإياب) والعزلة الاجتماعية شبه الكاملة عن البشر.
