راديو الناس – بث مباشر
حذر رئيس الوزراء الفلسطيني مؤخرًا من خطورة تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالأراضي الفلسطينية، مؤكدًا أن استمرار إسرائيل في حجز أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة) يمثل أحد أبرز أسباب تدهور الوضع المالي للسلطة.
وتُعد هذه الأموال مصدرًا رئيسيًا للإيرادات العامة، ومع غيابها تتراجع قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين وتغطية النفقات الأساسية، ما يضع مؤسسات الدولة أمام تحديات وجودية تهدد استقرارها.
إلى جانب ذلك، يواجه الفلسطينيون ارتفاعًا متسارعًا في معدلات البطالة، خاصة بين فئة الشباب وخريجي الجامعات. فقد أدت القيود الإسرائيلية على الحركة والتجارة، إلى جانب انكماش الاستثمارات المحلية والأجنبية، إلى تقلص فرص العمل وزيادة معدلات الفقر. هذا الواقع يترك أثرًا اجتماعيًا ونفسيًا بالغًا على المجتمع، ويغذي حالة من الإحباط التي قد تُستغل سياسيًا أو أمنيًا من قبل بعض الأطراف.
من جهته، يرى خبراء الاقتصاد أن معالجة الأزمة لا تقتصر على الحلول المالية قصيرة المدى، بل تتطلب استقرارًا أمنيًا وسياسيًا يتيح جذب الاستثمارات وتعزيز النشاط التجاري. فالأمن يُعتبر ركيزة أساسية لأي نمو اقتصادي مستدام، وهو ما يربط مباشرة بين قدرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على فرض القانون وضبط الأنشطة المسلحة، وبين إمكانية تحقيق انفراج اقتصادي. إذ إن استمرار التوترات الأمنية والعمليات المسلحة يعطي مبررًا لإسرائيل لتشديد القيود الاقتصادية، ويُضعف ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
وتؤكد هذه المعطيات أن الخروج من الأزمة الراهنة يتطلب رؤية شمولية تجمع بين إصلاحات اقتصادية داخلية، وتحقيق حد أدنى من الاستقرار الأمني، إلى جانب ضغوط دولية حقيقية تلزم إسرائيل بوقف سياسات حجز أموال الضرائب. كما أن تعزيز الشفافية في إدارة الموارد الفلسطينية قد يسهم في استعادة ثقة المواطن، ويخفف من حدة الاحتقان الشعبي.
في النهاية، تبدو الأزمة الاقتصادية الفلسطينية أكثر من مجرد مشكلة مالية، فهي أزمة سياسية وأمنية في جوهرها، تعكس واقع الاحتلال والتحديات الداخلية معًا. ولذلك فإن أي حل جذري يظل مرهونًا بقدرة الفلسطينيين على تعزيز وحدتهم الداخلية، وبإرادة المجتمع الدولي في دفع عملية سياسية تضمن للفلسطينيين حقهم في الاستقرار والتنمية.